الخميس، 3 مايو 2012

واحتار

وأحتارُ ، كيف لي ،ومن أين سأختار الكلمات ، حين أعلم بأن الشوق يجبرني أن أعتلي دفّة سفينتي ، كي أيمّم وجهي نحو أعالي البحار ، فلربما أستطيع أن أبلغ حدود جزرك التي قالوا أنها محروسة بكثير من بنات الجان اللائي علِمنَ من قديم الزمن بأني سأحاول أن التحق بركب الأعوان في ساحات مليئة بمن يريدون أن يقدموا همسات ، وكلمات ، تعبر عن الشوق واللهفة والشجون . وأحتار كيف أكتب الكلمات ، وأنا أعلم بأن الكلمات التي سأكتب سوف تتجاوز مسرعة جميع الحدود ، لكي تصل كاملة بدون رقيب وهي تنضح بالبسمة والاشتياق والجوى وتحمَلُ جميعها إلى أنثى لم يُخلَق مثلها في الوجود . كلماتي تختلف عن باقي ما يريده العاشقون ، لأني قبل أن أكتبها وَشّحتُ أطرافها باسم من ستصل إليها ، وأشبعتها ، بعد أن تركتها لدهور وعصور مغموسة بطيبي وافتتاني وعبيري ، وفوق كل ذلك كلماتي هي أنا . وأنا ليس له مثيل ، ليس له مثيل . فقد كنت في قديم الأزل ، بعضا" منك ، ثم أصبحت من قديم الأزمان بعض من حياةٍ أنت منبعها ، وأنت بدايتها ، وأنت المعاد ُ إليها . وكلماتي إليك ، لا أستطيع إلا أن أكتبها لأنها جزءا" من جنوني بك وبها بعض من حناني إليك ، وشيئا" من عالم لهفة كتب على جميع اللوحات التي تدل عليه ، أنتِ ، وأنتِ ، ولا أحد سواك . أنا لست أدري ، أأقول سيدتي، و السيد من مَلَك ، أما أنت فقد امتلكت ، وكنت بعد ذلك مملوكة لعواطفي ورغباتي وجنوحي وجنوني ، وأمنياتي وشوقي وصبابتي ولهفتي .وفوق ذلك كلّه ، رغبتي أن أكون من بعض الجنود الذين أحبوا مهنة الهيام في عالم من العيون أنت شمسه وقمره وليله ونهاره . , وإن قلت حبيبتي ، فأنا أخاف أن لا أترك للعاشقين بعدي حروف ود فتنقطع بذلك كلمات الحنين والأنين والأشواق والشجون . سيدتي وملكت القلب ، وتملكت فيَّ ناصية العشق ، وما كان افتتاني بك إلا رسول يناديني كل يوم أن ، أبحِر ، وَابدَءِ التجديف ، فبحار الشوق لم تزل في كمون وتكاسل بعيدة عن الانتباه ، مما يجعل الليل باسم حالم يكشف عما يحتويه من عشق العاشقين ، لتنكشف النجوم تبث عبر أضوائها الخافتات البعيدات اللائي يتلئلئن دلالا"وتيها" ومجونا" وجنونا"، ليكشفن عن عالم لا يُرى فيه إلا همسٌ يحمل نداء من بعيد من بعيد ، ومع الهمس تأتي من أعماق البعيد البعيد وشوشات ترشد إلى جزر سَمِعت فيها مَالكتي ندائي وترانيمي ومناجاتي ، وجملة لا زالت تقول ، سيأتي حبيبك كم بعيد . سيأتي حبيبك من بعيد . أحمد عاصم آقبيق 02/05/2012 مقدمة إلى سيدة وصديقة غالية ( ل . ع )، كان يوم ميلادها الأول من شهر أيار . كل عام وأخصها بخير .

أنتِ ، ولا أحدٌ سواك .

أنتِ ، ولا أحدٌ سواك . وكانت مستلقيةً مستسلمة على فراشها الذي كانت تفوح منه بعض من عطور خلَقَها جسدها لتزداد بدائعه في نفسي وعيوني . على فراشها الأبيض في مستشفى خاص . أنا لم أكن لأعلم بأن من ملكَت القلبَ وعَبَثَت بالفكر ، كانت منهلا" لمرض خبيث يأخذ في كل دقيقة تمرُّ من جسدها وروحها ذكرى . قلتُ لها : لو أن المرض كان أمنية ، لأكثرتُ الصلوات والأماني كي أكون بدلا" منك في هذا المكان ، فقط لأشعر بأنفاسك وأنت تقتربين من وجهي كي تتفرسي فيما فعله الوله من معجزات لتقول لي أنت البقية الباقية من عمري . قلت لها : وأخذت بها كي تلامس شفتاي ،أستشعر منها جميع معاني أن يفنى كلٌ من كلينا في عالم واحد ، كي ننعم بحلاوة ودفء عالمٌ لم يكن لنا يد في صنعه فقبلناه وآثرنا أن يكون تلاشينا برغبتنا فيه . واقتربي مني اكثر واكثر ، فأنا لم أنهل بعدُ من حلاوة الحب ، واهمسي في مَسمَعي ، قولي بأنك لم تزالي تؤثرين البقاء في شراييني . وأحبيني أحبيني لأن كل من أحببتُ قبلك ، ما أَحبّوني . ولم تجبني ، لم أكن لأوقن من إجابتها إلا بشعوري بقطرات من دموع تلامس راحة كفي لأتحسَّسَها بأصابعي وهي تبكي افتراق من أحببت عني . وكانت مستلقية" مستسلِمَة على سريها ، كانت أروع ما تكون ، كالعروس قبل أن ترحل ، وحتى بعد الرحيل . قلت لها : هل تسمحين أن أستلقي بجانبك ، وأن أخذ برأسك لضمه إلى صدري كي استشعر منه معنى الحياة . قال : أولا تخاف الموت ، إنه هنا يغار من أحاسيسنا ، ومن كلماتنا ومن أنفاسنا التي تترى ، قلت : معكِ ، لا . وأمسَكت بيدي . كنت أشعر ببرودة بطيئة تسري في أصابعي ، وأدنتها من شفتيها ، ثم ارتسمت على وجهها ابتسامة رضى ، ثم أشاحَت بنظرها إلى بعيد ، بعيد . وأغمضت عيناها حبيبتي . ماتت . أحمد عاصم آقبيق 03/05/2012 جدة