الخميس، 26 يناير 2012

فيهنَّ ، وفيهن

فيهِنَّ ، وفيهِنّ

لم يعدن مثارا" للاهتمام مثلما كنّ في مراحل سابقة ، فالمرأة كانت عالما" من الغموض جميل ، كانت عالما" من أمنيةٍ رقيقة يداعب الحلمُ فيها مُخيّلة الكثيرين ، ماهو هذا العالم ، كيف تعيش ، كيف تتمنى ، كيف تحلم ، وما سيكون حالي عندما التقي بها أول مرة ، واسئلة كثيرة كانت تراود تفكير الشباب الذي وعينا منه التحفظ في حتى الكلام عن هذا الموضوع ، أو حتى البوح به امام الآخرين . واستمر هذا الحال الذي كانت فيه النساء نزيلات بيوت آبائهن معززات مكرمات ، يملئن البيت زينة وحلاوة حتى يشهر الوالدان بفقد عزيز حين تذهب البنات الصغيرات ليؤسسن بيوتا جديدة في كنف ازواجهن ، وهكذا اليام الجميلة تذهب لتتطور الدعوة من تعليم النساء أمور دينهن ، إلى دعوة خبيثة تطالب بانخراط المرأة في مجالات التعليم ، ثم مطالبتها بالاختلاط ثم مطالبتها بالتحرر من رمز كان ولا زال يعتبر من الرموز الحمراء التي تتعلق بصلب الدين الحنيف وهي التستّر والحجاب ، وقد تم ذلك بالتدريج على شكل نقاشات بريئة اولا" ، ثم على شكل نداءات علنية اخذت منحى المقارنة بين نسائنا ، وبين نساء الغرب بكل نظراته المختلفة كليا" عن توجهات الأمم العربية الاسلامية . وكان ممن حمل لواء هذه الدعوة الرسائل التبشيرية التي جاءت مع الحملات الاستعمرية التي غزت مشرقنا العربي الاسلامي ، أو بواسطة الطلبة الذين أرادوا إكمال تعليمهم العالي في الغرب الذين انخرطوا في مجتمعه المبيح لكل شيء ، فتعلموا الانفلات من أساسيات الأخلاق ، أكثر مما أخذوا من العلم ، ولم يكتفوا بل رجعوا إلى مجتمعاتهم ليتحدثوا بلا حرج عن الحرية الغير مسؤولة التي كانوا يقولون عنها بأنها نعمة وخاصة فيما يتعلق بتحرر المرأة من عادات وموروثات شبت عليها كابرا" بعد كابر .ساعدهم في دعوتهم وجود احتلال غربي للمشرق العربي . ومن هؤلاء قاسم أمين الذي أصدر عام 1899 كتابه المريب ( تحرير المرأة ) الذي بدء بنشر دعوة تقول بأن حجاب المراة ليس من الاسلام وأن الدعو ة إلى إزاته ليست خروجا عن الدين . أيده في ذلك سعد زغلول والذي امعن في تأييد هذه النظرة إذ دعا في سنة 1919 النساء اللائي كن يحضرن لسماع خطبه إلى الكشف عن وجوههن ، وهو نفسه وبيده نزع الحجاب عن نور الهدى محمد سلطان ، والتي اشتهرت آنفا"باسم هدى شعراوي .
يتبع

أحمد عاصم علي آقبيق
حدة في 27/01/2012م

الأحد، 22 يناير 2012

أوراق رمادية


الجميع في عجلة من أمره . إنها تقارب السادسة والثلث صباحا" والشمس لم تزل متكاسلة في الإشراق . البعض يخرج من المسجد وهو يمنّي نفسه بغفوة يسيرة ، والبعض يتجه إلى حانوته ، يأمل برزق جديد ، في يوم جديد ، وبعض من شباب حالم لا همّ له إلا البحث في جميع الأماكن طيلة الليل ، عمَّ ؟ هو لا يدري تراه وأقرانه يجوبون شوارع جدة الجديدة في الحمراء وعلى الكورنيش في شارع التحلية ، هم لا يعلمون لِمَ ؟ والمهم عندهم قتل الوقت ، فهم يعانون أكثر من فراغ ، هم يعانون من نضوب فكري . والجميع مسرعون إلى حيث لا طريق ذو هدف ، إلا سيارة بيضاء في أعلاها نور أحمر اللون ، يسطع . ليعلن للجميع وهم في غفلتهم ساهون و بوضوح تام ، بأن على متنها ضيف ليس له أن يقرر سرعتها والشوارع التي تعبرها كي توصله إلى مآله الأخير . مقبرة أمنا حواء ، والتي سيزف فيها ربما إلى حورية منتظرة أو مآل آخر من عالم مجهول الصمت فيه أشد هولاُ مما يليه .
كم هي عجيبة هذه الحياة ، فالجميع مسرع ، وهناك لحظات لا يشعر بها إلا من يتذكرها . لهفة عارمة تدفع الناس إلى تجاهل الألم ، وإن كان هذا الألم هو عصب الحياة ، نبض غير سعيد يدفع الكثيرين للهروب إلى الأمام كي لا يعيشوا وَجَعَ المعرفة ، وألم الحقيقة ، بعضهم يهرب إلى الانشغال بأسواق المال وتأثيرها المزدوج َ، عَمَارٌ وخَرَاب ،فهذا المَعِيٌّ قنّاص للفرص يعرف كيف تؤكل الكتف ، تُغدَقُ عليه كلمات الثناء ،وذاك مُقَصِّر في النباهة والحرفية والسرعة ، إلى ما هنالك من أوصاف الخيبة والكسل
الجميع مسرعون ، إلا سائق السيارة التي تسير الهوينة ، يتحدث قائدها بجهازه المحمول مبتسما" حينا" ومقطبا" حينا آخر . ربما مع صديق ، أو ربما مع زوجته يتلقى منها الأوامر والطلبات ، أو ربما مع صديق . المهم أنه لا يفتأ يتحدث وقد بدت ملامح القسوة نتيجة التَّعَوُّد أو نتيجة بجهله المطلق لأهمية الحدث . فهو لا يدركه ولا يعرفه ، كآلة صماء لا يعرف إلا طريقين . إما إلى مغاسل الموتى التي يعمل فيها ، أو إلى المقابر ،دون اكتراثٍ بالمسجى داخل العربة .في رحلة باتجاهٍ واحد . وهاهو قد وصل ، إنه ينزل مسرعا" ليفتح الباب الخلفي لعربته ، ينظر بِطَرفٍ خفيٍّ إن كان هناك من المشيعين المنتظِرين من تظهر عليه علامات الوسامة والترف ليقول له معزيا" ومؤكدا لسجايا الراحل العظيم وهو لا يعرفه . لعل ذلك يترك أثرا"يتحول إلى بعض الجنيهات منهم .
ويسارع القوم في حمل المتوفى ، ليس على كرسي فخم مثل كراسي احتفالات التنصيب . إنما على نقالة متهالكة لا تلبث أن تلقى أرضا" لينام عليها واحد من عمال المقبرة .وفي الخارج هناك مقهى شعبي صغير . البعض يحتسي الشاي ، أو البيبسي ، والبعض ينتظر حسنة من أهل المتوفى الذين سيخرجون من المقبرة بعد قليل من الوقت .
وفي الجانب المقابل تتحرك العربة بسرعة واضحة ، لعل أن السائق لم يًكرَم . أو أنه يوجد من يحثه على الوصول بسرعة كي ينقل متوفى آخر . أو لكي يحمل الفطور للعاملين ، أو لأن الحبيبة في انتظار تملؤه اللهفة . ويدير مفتاح المذياع لينطلق صوت بعيد عن الحدث ، إم بي سي . هواها خليجي ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

أحمد عاصم آقبيق
جدة في 22/01/2012

الأربعاء، 18 يناير 2012

استبينوا معانيها لتعلموا

لاأريد ان أكتب لأَبين ، (بكسر الباء )، فالبعض يكتبون ليقرء لهم بعض هروبا" من ملل ، أو بحثا" عن متعة ، أو ابتعادا" عن واقع مؤلم. وهكذا يبقى النص عدة أيام وسرعان ما يختفي في زحمة الأيام . ليكون كانه لم يكن ذات يوم .يقولون ترديدا" لقول ٍ جليل : إذا سمعت المؤذن ، فقل مثلما يقول . ولا أريد أن أؤكد السند ودرجة الرواية ، بقدر ما أريد أن أوضح بأن أغلبنا ، أن لم أقول عا متنا يرددون ما سمعوا أو حفظوا ، دون النظر إلى ماهية القول ، إما لانشغالٍ ، أو تعوّد، ِ أولا مبالاة. متكلين على مفهوم خاطىء للتوكل ، ومطمئنين إلى أن في ذلك كل النجاة .
لا أشك في أن رحمة الله قد سبقت غضبه ، لكني موقن بأن الاتكال بدون عمل شيء تخشى عاقبته . وقد وعيت الآية الكريمة ( قالت الأعراب آمنا ) فهل يكفي الإيمان لأن لم يكن مقرونا" بعمل ؟ وهل يكفي أن نردد مع القارىء للقرآن ما يفيد بأننا نعيش حالة أقرب ماتكون إلى الطرب منها إلى الاستماع والانصات ثم الفهم والتعقل ؟ . وهل يكفي أن نردد بدون إدراك للغاية والهدف ممما يقوله المؤذن أو القارىء ، وهل نعي العوة على حقيقتها ، الأغلب بأن السواد يلبّون دون أن تعقل قلوبهم وتخشع أما نتيجة للعَوَد ، او التقليد ، أو خوفا" من رجال الحسبة . فتمت تلبية الدعوة دون النظر إلى الغاية الكامنة في مضمونها ، أو النتيجة المعوّلة عليها .
إني إن كتبت ، فأنا لا أريد أن أظهر نفسي في موضع الناصح ، فأنا أكثر الذين يحتاجون لنصح ،لكني كتبت لأبين باننا جميعا" معنيون بالنصيحة وتقبلها والاستماع إلى مضامينها ، أما النصيحة فلمثل ذلك فليعمل العاملون ، أما مضامينها فتحتاج إلى أسفار ومداد كمياه البحر لا تنضب . لأن الذي دعا هو الله . خير داع . ولأن الدعوة تتمثل في فهم جملة واحدة واستيعاب معانيها أن نعلم بأنه لا إله إلا الله . ومن استمسك بهذه العروة فقد فاز.
من الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار . ومن الناس من يقول ربنا آتن في الدنيا حسنة والطرفين قالوا لكن هيهات بين من قال فاستوعب وعمل لما بعد اليوم , وبين من قال وقدنسى الله ، فنسيه الله .
لا إله إلا الله دعوة إلى الإياب إلى الله . لا إله إلا الله حجاب بين العتمة الفكرية والتبصر والوضوح ، لا أله إلا الله اتجارة بقوة الله ، استنارة بنور الله ، وتجلي لعظمة الله .
فلنعد جميعا" إلى الله ، ولنتب جميعا" إلى الله ، ولنؤوب جميعا" إلى فهم تجلياتها ، اسرارها ، توفيقها ، شروطها ، وأحكامها .
إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم . ربنا إننا ظلمنا أنفسنا فإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين .

أحمد عاصم علي آقبيق
جدة في 18/01/2012