الخميس، 3 مايو 2012

أنتِ ، ولا أحدٌ سواك .

أنتِ ، ولا أحدٌ سواك . وكانت مستلقيةً مستسلمة على فراشها الذي كانت تفوح منه بعض من عطور خلَقَها جسدها لتزداد بدائعه في نفسي وعيوني . على فراشها الأبيض في مستشفى خاص . أنا لم أكن لأعلم بأن من ملكَت القلبَ وعَبَثَت بالفكر ، كانت منهلا" لمرض خبيث يأخذ في كل دقيقة تمرُّ من جسدها وروحها ذكرى . قلتُ لها : لو أن المرض كان أمنية ، لأكثرتُ الصلوات والأماني كي أكون بدلا" منك في هذا المكان ، فقط لأشعر بأنفاسك وأنت تقتربين من وجهي كي تتفرسي فيما فعله الوله من معجزات لتقول لي أنت البقية الباقية من عمري . قلت لها : وأخذت بها كي تلامس شفتاي ،أستشعر منها جميع معاني أن يفنى كلٌ من كلينا في عالم واحد ، كي ننعم بحلاوة ودفء عالمٌ لم يكن لنا يد في صنعه فقبلناه وآثرنا أن يكون تلاشينا برغبتنا فيه . واقتربي مني اكثر واكثر ، فأنا لم أنهل بعدُ من حلاوة الحب ، واهمسي في مَسمَعي ، قولي بأنك لم تزالي تؤثرين البقاء في شراييني . وأحبيني أحبيني لأن كل من أحببتُ قبلك ، ما أَحبّوني . ولم تجبني ، لم أكن لأوقن من إجابتها إلا بشعوري بقطرات من دموع تلامس راحة كفي لأتحسَّسَها بأصابعي وهي تبكي افتراق من أحببت عني . وكانت مستلقية" مستسلِمَة على سريها ، كانت أروع ما تكون ، كالعروس قبل أن ترحل ، وحتى بعد الرحيل . قلت لها : هل تسمحين أن أستلقي بجانبك ، وأن أخذ برأسك لضمه إلى صدري كي استشعر منه معنى الحياة . قال : أولا تخاف الموت ، إنه هنا يغار من أحاسيسنا ، ومن كلماتنا ومن أنفاسنا التي تترى ، قلت : معكِ ، لا . وأمسَكت بيدي . كنت أشعر ببرودة بطيئة تسري في أصابعي ، وأدنتها من شفتيها ، ثم ارتسمت على وجهها ابتسامة رضى ، ثم أشاحَت بنظرها إلى بعيد ، بعيد . وأغمضت عيناها حبيبتي . ماتت . أحمد عاصم آقبيق 03/05/2012 جدة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق