الاثنين، 13 فبراير 2012

فحات محزنة أدت إلى أن يكون الواقع العربي على ما هو حاله اليوم .

صفحات محزنة أدت إلى أن يكون الواقع العربي على ما هو حاله اليوم .

إن المتمعن في حال الأمة العربية اليوم بشكل عام ، وما آل إليه هذا الحال المحزن ، لا بد له من أن يتذكر حدثين جدّ مهمين ، كان لهما تأثير مدمِّر وهدام في حوادث قلبت موازين لأوضاع كانت مستقرة وهادئة في عموم المنطقة العربية .
اما الحدث الأهم فهو المؤتمر الصهيوني الأول الذي عقد في بازل بسويسرا عام ألف وثمانمائة وسبعة وتسعين للميلاد ، وجاء انعقاده بعد خيبة أمل كبيرة لحاييم هيرتزل بعد أن أحجم كثير من أغنياء اليهود المساهمة في تمويل جهوده لا نشاء وطن قومي لليهود في الأرجنتين ، أو في فلسطين عن طريق ربطهم بالحركة الصهيونية ، التي عملت بجهود جبارة لجمع المال وتشكيل طلائع هجرة وجدت لتصبح بعد ذلك الركيزة الأولى لشراء الأراضي في فلسطين وتوزيعها على القادمين الجدد . وقد وجدت هذه الدعوة القبول لدى اليهود حتى جاوز عدد أعضائها الستمائة عضو في فترة وجيزة ، كان منهم عضو الحزب الشيوعي في روسيا القيصرية آنذاك ، دان رابونيشتن ، الذي استبدل اسمه ليكون ليون تروستكي، و هكذا سرت هذه الفكرة سريان النار بالهشيم عند اليهود وبجهود الحركة الصهونية ليصبح عدد أعضائها ما يزيد عن المليون ونصف عضو ،عام ألف وتسعمائة وتسعة وثلاثين ، في عهد رئيسها آنذاك حاييم وايزمان .
تأثرت المنظمة الصهيونية كثيرا" بالحرب العالمية الأولى إذ أخذ الركود يسري في أوصالها ، مما تنبه إليه حاييم وايزمان فبدء على الفور إلى بعث روح الحمية وولاء الانتماء ، ولم يكتف بذلك بل وضع أهدافا" صمم على تحقيقها وأولاها ضرورة انتصار الحلفاء أولا" ، ثم العمل على تهيئة المناخ المناسب المدعوم لهجرة حوالي مليون يهودي وأكثر إلى فلسطين . وقد أثرت مناصرته للامبراطورية البريطانية آنذاك ومساندته لها ماديا" ومعنويا" على أيجاد حظوة كبيره لها ، مما نتج عنه ولادة فكرة تطورت تصبح حدثا" جلا" أصاب الأمة العربية في صميم قلبها ، ألا وهو صدور ما يسمى بوعد لفور وكان ذلك في سنة ألف وتسعمائة وثمانية للميلاد . في وقت عمل فيه الكثير من اليهود والانكليز على بدء الهدم في كيان الدولة العثمانية المترنحة ، إبتداء من هدم الخلافة الإسلامية ، ووصولا" إلى جلب النظام الغربي الدخيل لهذه المنطقة ، حتى قام مصطفى كمال أتاتورك الضابط البغيض في الجيش العثماني بالثورة بمساعدة أعوانه اليهود ، وكذلك المنتفعين المستفيدين من حركته ، تم له النصر وهاهو يخطب في أول جلسة للبرلمان التركي سنة ألف وتسعمائة وثلاثة وعشرين ليعلنها انسلاخا" تاما" عن العقيدة الإسلامية بقوله : ( نحن الآن في القرن العشرين ، ولن نستطيع أن نسير وراء كتاب تشريع يبحث عن التين والزيتون ) . ثم ما لبثت أن انتقلت ذيول أفكار أتاتورك إلى العالم العربي المحاذي لتركيا ، لتنقلب إلى أفكار مشوّشة وباهتة عن الاسلام ، حتى برزت فئة تعتقد بأن بعض معطيات ادين الاسلامي ، لا تنسجم مع مدنية القرن العشرين، ولا ننسى اصابع الماسونية العالمية التي أخذت تساعد على تنمية وانتشار هذه الأفكار المدمرة . وهذا مايفسره المنشر في دائرة معارفها ىنذاك ، إذ يقول ( إن الانقلاب التركي الذي قام به الأخ العظيم صطفى كمال أتاتورك أفاد العالم أجمع ، فلقد أبطل السلطنة ، وألغى الخلافة الإسلامية ، وابطل المحاكم الشرعية ، وألغى دين الدولة الرسمي وهو الإسلام . مما حدا بالقيادة الجديدة إلى توجيه الدولة إلى وجهة قومية ، وهذا ما كان يرمي له اليهود من قبل انعقاد مؤتمرهم الأول

الحدث الجلل الثاني هو نجاح الحركة الصهيونية في أخذ ما لم تكن تتصوره من تأييد أوروبي متمثل آنذاك في الامبراطورية البريطانية ، الذي انقلب إلى عملا" دؤوبا لتحقيق الحلم إلى واقع ، وكان ذلك من خلال العمل المضني الذي ساهمت به الدولتين الاستعماريتين آنذاك بريطانية وفرنسا إلى حد كبير في تحقيق الحلم الصهيوني بعد أن نشرت الحكومة الروسية بعد الثورة الشيوعية ما تم بالخفاء بينها من تفاهم لا قتسام دول المنطقة العربية فيم يعرف بمعاهدة سايكس بيكو في السادس عشر من شهر أيار سنة ألف وتسعمائة وستة عشر للميلاد ، والتي سارعت بريطانية إلى طمئنة حلفائها العرب أن الأمر لا يعدوا أن يكون أمرا" لاغيا فور انتهاء الحرب ، في الوقت نفسه التي بعثت رسائل تؤكد فيها للزعماء الصهاينة بأن مسألة التدويل وموضوع فلسطين فلسطين ، من المسال التكتيكية أملاها موقف فرانسا وروسية . وأنهم سيعمدون إلى إلغائه ، بل وأطدوا مناصرتهم لتطلعات الصهيونية العالمية في إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطن ، برسالة اللورد آرثر جيمس بلفور إلى اللورد ليونيل وولتر روتشيلد بتاريخ الثاني من شهر ديسيمبر عام ألف وتسعمائة وسبعة عشر ونصها : (إ ن حكومة صاحبة الجلالة ترى بعين العطف بيت قومي يهودي للشعب اليهودي بفلسطين ، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية ) .

وكتبه : أحمد عاصم علي آقبيق الدمشقي
جدة في 13/02/2012م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق