الأحد، 4 نوفمبر 2012

وأعجبُ اشدّ العجب

أعجب أشد العجب ، وأنا أراقب وأشاهد الانفلات الأمني ، وما يتبعه من اختلال سياسيّ يشمل القاعدة وصولاً إلى رأس الهرَم ، وما ينتج عن ذلك من تبعات ظهر أثرها على جميع نواحي الحياة ، في أغلب دول المنطقة . من دون أن أجد حكيما" واحدا" أو حتى ديكتاتورا" يأخذ الزمام ، ليلجم تلك الغوغائية المنتشرة ، وحكم الجهالة ، الذي نشأ عن الفراغ الكبير ، منذ قيام أول ثورة شعبية في تونس وما تلاها ،مرورا" في مصر واليمن والخروج عن القانون في سورية ، واستئثار القلّة في العراق على الكثرة ، والمذهبية على التعقل .وتفرّد الرأي والرأي المضاد ، دون أي اعتبار لسلاسة النقاش وتحكيم العقل ، والمنطق ، ووضوح الهدف




أعجب أشد العجب ، وأنا أعايش ما كان إلى فترة قريبة حلما" للعرب ، وهو الوصول للحرية و الكرامة . كرامة المواطن وكرامة الإنسان ، متحررة" من إرادة الآخر في القسر والإكراه والإجبار ، وبدون تصديق إعلام ٍ ما كان ليوجد إلا لتحويل كل حسنة لفخامة الرئيس ، ونَسبِ كل مفخرة لإلهام صاحب السمو . وكأن النساء العربيات قد أصبن بالعقم مذ أن تولى هؤلاء وأولئك مقاليد الأمر . فلم تلد الأمهات أي شبه لهم أو مثلهم أو حتى قريبين منهم .



أهي جهالة شعب ؟ أو خنوع شعب ، أو إيمان بما قاله أحد الشعراء:

يا قوم لا تتكلموا

إن الكلام محرّمُ

ناموا ولا تستيقظوا

ما فاز إلا النوّم

أم أنها قلّة من الفضلاء وجدت فلم يتعدى عددها عدد أصابع الكف الواحدة ، مما نتج عنه ، أنه لا وزن لها ، ولا يمكن أن يكون هنالك صدى لصوتها ،

أم أنها ضريبة الحياة ومسؤولية الحياة ، تدفع بالفرد إلى تمثل المقولات الثلاث وتلبّسها في جميع مرحل حياته وهي : لم أشاهد ولم أسمع ولم أتكلم . وأزيد عليها أنا لم أكن هناك .و بذلك ينجو مما يمكن أن يكون تزوير وتلفيق أو اتهام أو بهتانٌ وزور ، . وهنا تكمن الحكمة والبصيرة والرأي الحسن .

وأعجب أشد العجب وأنا استمع لخطب يوم الجمعة ، فما أكثر الناصحين ، وما أكثر بلغاء الكلام ، وما أكثرهم ، وهم ينهون عن كل منكرٍ ، وهم فاعلوه . وهم الذين حفظوا الدين ليأكلوا مما حفظوه ، لآ أن يعملوا ليطبقوا ما حفظوه ، لذا لا تجد لكلامهم تأثيرا على فكر الحاضرين ، أو تغييراً لواقع حياتهم. وبمجرد أن تنتهي الصلاة يعود الجميع ليغني كل على ليلاه .

والعجب العجاب ، يقي المتفائلين بأن هذه الحالة ستبقى في مهب الريح ، في أمة تنتشر على أرض ، حدودها من شاطىء بحر الظلمات ، إلى شاطىء دجلة .

أمة احترفت نعم وإلى الأبد ، فكانت بلا تأثير ، شأنها شأن الزبد يذهب هباءً ، أو كصوت ريحٍ في فلاة ، صفيرٍ خاوٍ لا يحمل معنى أو مفهوم .



أحمد عاصم آقبيق

04/11/2012م



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق