الثلاثاء، 1 مارس 2011

عصر تقدم أم عصر انحدار

عَصرُ تَقَدُّم ٍ أم عصر انحِلال


بسم الله الرحمن الرحيم ، والصلاة والسلام على سيد المرسلين ، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم . فلقد راودني سؤال منذ حين ،سؤال محيَّرٌ ، وجوابه محيِّر .وهو يتركز حول موضوع مهم وكبير . أي زمان نعيش فيه ؟وأي علوم تحيط بنا؟ وقد غدا المتعلم وكأن ليس به حاجة للذهاب إلى الصين لأخذ العلم من هناك . فهي أبواب العلوم قد فتحت له مصاريعها وهو جالس في غرفته وعلى كرسيه . نعم لقد فتحت العلوم أبوابها بعضا" من جوابٍ على سؤالنا المتقدم . أي عصر نعيش فيه ؟ أهو عصر ارتقاء للمعلومة النافعة التي تهذب النفس وترتقي بالعقل حتى يصل لدرجة الكمال ؟ أو هو تخريب متعمّد ينزل النفس من مكانتها المرموقة ، إلى أرذل الأماكن وأحطَّها؟.
أي عصر نعيش فيه ؟ وما هو تأثير المعلومة المتاحة للجميع على الفكر الشاب الذي هو عماد المجتمع والأرض الخصبة للتنمية والتطوير ، وما هي أسباب التفاته إليها إن كانت من النوع الذي يدمِّر الأخلاق ، وينهي ارتباط الإنسان بكل تراث آمن به الآباء والأجداد ومن كان قبلهم .وإذا كان السؤال بهذه الأهمية ، فإن الأهم من ذلك هو التركة الثقيلة التي صَبَغّت الفكر في وقتنا هذا ، والتي أثرت سلبا" على المفاهيم التي يفترض أن تكون ثابتة لا يشملها التغيير ، والتي تتعلق بالدين الإسلامي الحنيف، وأثره في بناء الأمة .
وإذا كان الإسلام بأركانه المعروفة قد غرس في نفس المسلم أساسيات تؤهّله إلى السير بشعلة الدعوة ليعم نورها أرجاء الحياة ، ولينعم المجتمع بوافر الآثار المترتبة على تطبيق تعاليمها فإنه لا مناص من الدخول إلى موضوع آخر ، متلاحم لصيق بهذه الأركان ، وممهد لسؤالنا الرئيسي موضوع هذه العجالة ، وهو الإيمان ،ذلك لأن الإسلام هو الأساس والمدخل ، أما الإيمان فتنعكس أهميته في انه الأداة التي تُظهِر تلك الأركان التي بني عليها الإسلام .من إيمان بالله والرسل والكتب واليوم الآخر والقضاء والقدر ، إلى آخر الأفكار التي تؤثر برسوخها في فكر المسلم ، وينعكس هذا الفكر على العمل .إذا" الإيمان هو ما وقر في الفكر ، وصدقه العمل . تصل بذلك جميعه إخلاص العبادة لله بمعنى أن نعبد الله كأننا نراه . والعبادة كما ورد في الصحاح ( الطاعة ) . فهل عبدنا الله واطعناه فيما أمر ، وانتهينا عما نهى عنه وزجر؟ . وهل راعينا الله في أقوالنا وأعمالنا وتصرفاتنا ، من أخص خصوصياتنا كموضوع الطهارة ، وصولا" إلى حساب القبر . وما بينهما من مناهج وأحكام لم تشرَّع أصلا" إلا لتكون محلاً للتنفيذ؟ كي تجعل من الفرد المسلم اقرب ما يكون لمصافحة الملائكة .
إن المتطلع إلى ما يجري من أمور في هذا اليوم يجد عجبا" عُجابا" لا يستطيع عاقل أن يتخيّله ، ويتمحور في حدود كلمة واحدة من حرفين ، لِمَ ؟ .
شيوخٌ وخطباء مساجد، يؤدّون الخمسة فروض ، وقرّاء تصدح أصواتهم في الشوارع يتغنى الناس بطلاوتها وحلاوتها وكأنها تأخذهم في سكرةِ غياب . ولكن غثاءٌ كغثاء السيل . فهل هذا هو الدين ؟ وهل يفترض بهؤلاء أن يكونوا كذلك ؟ صورة لأصيلٍ بصورةً لِمُقَلَّدٍ ممجوج .
(ألم يَئنِِ للذين آمنوا أن تَخشَعَ قُلوبُهم لذكرِ الله وما نَزَلَ من الحق ِّولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبلُ فَطالَ عَلَيهمُ الأَمَدُ فقَسَت قُلوبهُم وكثيرٌ منهم فاسِقونَ ) 1 .
وفي حديثه ، يقول صلى الله عليه وسلّم : ( والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) . أين هذا التوجيه مما نشاهده اليوم ؟ ألم نعلم بأنه من لا أمانة له . لا دين له ولا زكاة له . وما هذه الطفرة الواسعة التي تكاد تعم كل بيت مسلم ، وقد استبيح بيت مال المسلمين ، وكأنه حق مُشَاع ؟وما هذا القتل الذي أصبح مُباحا"، وقد حرّمَ الله القتل من فوق سبع سماوات إلا في حد من حدوده؟ . وإلى ما هنالك وهناك من مجموع أمور عظيمة ، اقلُّها يُخرِجُ عن الملّة . وصدق الرسول الكريم حين أشار إلى ذلك حين قال : ( يصبح المؤمن مسلما" ويمسي كافرا") .
أسئلة يختصرها المولى عز وجل فيشير إلى سببها الرئيسي بقوله
( قَالَتِ الأَعرَابُ آمَنَّا قُل لم تُؤمِنوا ولكن قُولُوا أَسلَمنا وَلَمّا يَدخُلِ الإيمَانُ في قُلُوبِكُم الله غَفوُرٌ رحيم . ) 2
قالت الأعراب من أهل البادية آمنا إيماناً كاملاً، قل لهم يا أيها الرسول : بل لستم بمؤمنينَ الإيمان الكامل، ولكن قولوا أسلمنا ، ولم يدخل إيمان حتى الآن في قلوبكم ، لأنه برسوخ الإيمان في القلب يكتمل إيمان المؤمن ، وينعكس ذلك على مفهومه ليس على الأمور المعيشية فقط ، بل على الوجود أجمعه .
فهل يأتي من مُبَدِّل ؟؟؟.

أحمد عاصم آقبيق . الدمشقي
01/03/2011م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق