السبت، 24 أبريل 2010

رحلة العمر

هام .. هام .. هام انظروا واقرء وا

جاءتني بطاقة دعوة الكترونية ، وكأنها بطاقة بريدية ، من سيدة المنتدى الأخت أم أسماء ، تدعوني فيها والإخوة أعضاء المنتدى النجباء ، على رحلة نتمتع فيها بصحو هذا اليوم وبصحبة الأحباب . وكان يوم خميس ، والأمر بالنسبة لها جدُّ هامٍ وقد حمي عندها الوطيس . وقد أزفت الساعة الموعودة ، وهاهو حميد الدين يشد خيطا" معلّقا" بالبوق الموجود خارج المركبة ، ليزعج الأنام ، معلنا" قدومه المعهود بنظام وانتظام .
هناك على الرصيف ، كانت تزرع الدرب جيئة وذهابا" ، أختنا أم أسماء . وما أن لمحتني حتى قالت : أين زوجتك؟؟ قلت في في البيت قابعة لا تريد صحبتي ، ومعي الوجود .

ومن بعيد أراه يحمل سلّة شامية ، ويضع منديلا" ابيض تحت طربوشه المائل ، وحبات العرق تنضح بفعل الصيف وشمسه ،وباليد الأخرى وسادة وبساط وآلة عود، وكان أول الطالعين علينا بحكم انه يعمل مدير ، والمدير أول من يطبّق الحضور والانصراف . وكان وجهه كالبدر المنير . ووصل ضجرا"، وقال لله درُّ العرب ، مساهمون دائما" بجلب الغضب . الطريق طويلة لا فيها راحة ولا استراحة ، مع الوقوف لأكثر من ساعة ، بانتظار أحد يقلّني من الجماعة .
ووقفت عربة فارهة ، نزل سائقها وانحنى أمام الباب ليفتحه بأدب جمٍّ واحترام ، وإذا بصاحبة المنديل السماوي ، درة المنتدى في تذوق وانتقاء الكلمات ، غاليتنا الأخت سمارة ، بادرته بإعطائه سلسلة فضيّة ، التف أقصاها على رقبة كلب صغير ذا أصالة بادية ، وشعر مجعّد أبيض كثير .
قالت ضجرة ، الطقس لا يطاق وسأجلس منتظرة في سيارتي الأحباب فهم السلوى في الطريق ، والمؤنسين عند احتياجي لرفيق . أما الصحبة فهي لغاليتي منار ، وأما الجار فهو الألمعي أبو الأفكار ، أخي احمد الأموي ، باعث العزيمة ، ومُشعل النار . وكانت تلك المذهلة صاحبة اليراع المتمكِّن ..
وبينما كنا نتجاذب أطراف الحديث . سمعنا جَلَبة ً وزمجرة وتهديد ووعيد ، وتهديد بقبضة من حديد ، وها هو شيخنا الشيخ سعيد ، الذي لا تعجبه هذه الأيام الأمور ، يدعو بالويل والثبور ، على كل من يعمل في إدارة الطرق ولا يساهم بردم الحفر وقد استند على ذراع خادم له ، وهو ممسك بسبحته الطويلة ، وعصى يتوكىء عليها ويهش بها عنه الضرر .
وما هذه الجَلَبة ؟؟ وردة الورود ورقيقة الأحلام ، وردة وبناتها الأربعة ، عهود ووعود وشذى ورحيق ، وها هو ابنها البكر وولي العهد يدفع أمامه زاد الطريق من كسكس وطعام غريب لآ نعرفه عندنا في الشام ، وقد فاحت منه رائحة نكهات غريبة ، وأطياب عجيبة .
قالت مهددة وقد أجهدها الحرّ والمسير ، مخاطبة السائق حميد: إحجز لنا الصف الأخير من مقاعد الباص ، فقد يصاحبنا في رحلتنا هذه عدد من الناس . واحرص على أن تكون قيادتك مريحة ، وها أنا ذا أقولها واضحة وصريحة .
وهذا أخي عويس عافاه الله ورزقه قوة صناديد الرجال يتأبط ذراع زوجته الجديدة ، وهو أشد ما يكون فرحا" ، في هذه الأيام السعيدة .

بعض من الجمع قادمين إلينا ،ابنتي منار ، وشقيقتها افتخار وقد رافقتاها ابنتاها نُوار وإيثار . وأمامهما تساق حقيبة عظيمة ، تتسع لأنفال حروب وألف غنيمة .

وهذه اختنا الغالية أم شهد، وقد لبّت الدعوة وأوفت بالعهد ، تمشي وراء بعلها العتيد ، صاحب الطالع السعيد ، وبصحبتهما الابنتان خلود ، وعهود .
وجلسنا في مقاعدنا الوثيرة ، وركب قبلنا السائق حميد وعلى وجههه قترة وغبرة ، كأنه حضر للتو من حرب الأيام العشرة ، ومات على يديه ألف شهيد وشهيد . وقد ركبت بجانبه مضيفة الرحلة والداعية لها السيدة نادية . وفي المقعد التالي أخي أبو نبوت ، وأنا . وبدأ عزف العود ، وإذا بشيخنا أبو أحمد ، يأمرنا بقراءة دعاء السفر ، وهو سنّة يقرؤها من سافر من البدو والحضر .

أحمدعاصم آقبيق
جدة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق