الخميس، 23 ديسمبر 2010

عمى ألوان

عمى ألوان

اليوم الخميس 23/12/2010 ، العدد 17429 من جريدة الحياة .
خبران جذبا انتباهي ، ويستحقان التوقف عندهما ، والتعليق عن محتواهما ، فهما خبران كبيران في المعنى ، مقتضبان في الكتابة . ففي الصفحة الأخيرة ، صورة مكتوب تحتها جملة واحدة : سيدتان تحضران معرض التجميل الذي افتتح أمس في جدة . وانتهى الخبر الأول بانتهاء قراءتي للجملة السالفة . أما التعليق فهو عن أمر لا ينتهي ، فالسيدة الأولى أسدَلَت الملاءة على أنفها وفمها ، وتركت ما يعلوهما من عيون جدُّ جميلة ،وحاجبان مُغريانِ ،للنظر والتمتع بالجمال ، والرأس حاسرٌ والشعر مصفِّفٌ فتِّان ، وعلى خِصلَةٍ منه مصاغ بشكل قلب ، وآه لتعذيب النساء ِللقلوب .
إننا إذا تجَنَّبنا الصيغة الجمالية لصاحبة الصورة ، ، نجد أن هنالك تجاوز فرق كبير بين ما يجب أن يكون ، وبين ما هو كائن في بلد دستوره القرآن ومنهاجه سنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم أ فهذا ما فهمت النساء البالغات من الدين ؟؟؟. ألم يسمعن معنى حديث رسول الله إلى أسماء عندما قال : إن الصبيَّة إذا رأت ما ترى النساء ، كان لزاما" عليها أن لا يُرى منها إلا كفيها ووجهها. ألم تعي هذه المتبرجة المتبخترة التي وكأنها تدعو إلى صيغة من الانفلات الاجتماعي والتحلل الأخلاقي ،بقصد أو بدون قصد ، أن هنالك فارق كبير بين أن نتعلم لنتجاوز مراحل التعليم بنجاح ، ونحصل على درجة علمية ، وبين ما يجب أن نتعلمهُ ليكون مكانه القلب ، ويصدقه العمل .
ولعمري لو كنتُ مسؤولا" لقاضَيتُ كل محرِّضٍ على الفجور والبغي بأكثر مما أقاضي به فاعل الجرم ، الأثيم والمعتدي .
إن الدين ليس فصلا" من كتاب نقرأه . إن الدين تعامل حركي موجه لجميع نواحي الحياة ، وتنوع ظروفها . إن الدين ليس أن نحفظ كالذين يحملون أسفارا" وهم لا يعلمون ما فيها . إن الدين حياة وممارسة ، أسلوب للتعاطي مع حراك الأمم . ومن هنا ، فليس لمخلوق أن يفهم الدين حسب هواه ، أو يفتي بالأمور بحسب رأيه بدون براهين وحجج توضح المراد والهدف والغاية من الإفتاء .
لِتَصحُ جميع النساء ، فهن أكثر الخلق وِفادَةً على نار جهنم . لتعلم النساء بأن ليس لهن أن يَسفِرنَ أمام الأجنبي ( السائق والخادم ) ، فالأجنبي أيضا" بشر ، والبشَرُ مُرَكَّبٌ من جسد وغريزة ، ولعمري أنه لم يترك غريزته الآدمية هناك في الفلبين او اندونيسيا أو بنغالاديش و أي بلاد كان استقدامه منها ، ويأتي هنا ليكون بتولا" . وليَصحُ الرجال ، فهم القَوَّامُون ، وهم الذين يستطيعون أن يدللوا من خلال أخلاقهم وعلمهم وخبرتهم وتفهمهم للحياة ، أن الحلال بَيِّن ، والحرام بّيِّنٌ .. ولعمري فلقد اختلفت درجات الفهم عند الرجال ، فلعله يمسك الجريدة ليَتَباهى بجمال ابنته أو ابنة أخيه ، و من باب الاعتزاز بنشر صورتها في جريدة الحيا ة ، أو في عكاظ أو في الشرق الأوسط . وأنا أنصح كل عازب أن يشتري عدد اليوم من جريدة الحياة التي كان حق عليها أن تكتب تحت الصورة : ولا أجمل ولا أحلى كعملٍ فنّيٍ يُجَمِّلُ فيها جدار غرفته ، وله فيها فوائد أخرى ، فمِثلُ هذه الصور تذكي نار الشوق ، وتنمي قدرات الأحلام على التخيل والأماني .

الموضوع الثاني في الصفحة الرئيسية الأولى من ذات الصحيفة وعنوانه وزارة التربية والتعليم تحذر من ممارسة الرياضة داخل مدارس البنات … ، بأي شكل ، وإن أية ممارسات من هذا الشكل تعد خرقا" للأنظمة والقوانين هذا ما صرَّحَ به الناطق الرسمي للوزارة السيد/ محمد الدخيني ، لجريدة الحياة .؟؟؟؟؟
وأرجو أن يسمح لي السيد محمد الدخيني بأن أساله أليس العقل السليم في الجسم السليم ؟؟؟؟ ، ألم يعلم السيد المذكور بأننا على أعتاب السنة الجديدة 2011م .ألسنا لا نَتَشَطَّر ، ونُمارس عنجهيات الرجولة الكاذبة إلا على الضعيفات ، فَنَمنَعَهُنَّ من ممارسة الرياضة والتمتع بفوائدها ، ونحن الرجال ، أغلب الرجال نُبَرمِجُ أجهزة الاستقبال الموجودة في بيوتنا على أشهر قنوات الرياضة التي تختص بالعاب القوى النسائية ، لنتسرخي على الأرائك بعد عناء يوم نوم ،وأمامنا طبق من الفواكه اللذيذة ، كلذيذَ ما نُمَتِّعُ به النظر ، ونُفرِح به القلب ، من رياضات نسائية وهي بحق رياضات تثقيفيّة ممتعنا لنا ،تسمح برؤية المسموح والممنوع في آن واحد .
وأخيرا" أليس على مقام وزارة التربية والتعليم واجب دراسة موضوع الرياضة في مدارس البنات والسَّماح بها وفق المعايير المناسبة، لتتحقق مقولة العقل السليم في الجسم السليم . أم أن ذكوريتنا عمتنا عن ضرورة تعديل القوانين بما يناسب ، وجعلتنا كالعميان لا يشعرون إلا بالعصا التي يمسكون بها
وهل نحن أمةٌ مُصَابةٌ بعمى ألوان ؟؟؟

أحمد عاصم آقبيق
23/12/2010م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق