الجمعة، 9 مارس 2012

إبداع أم دِعارة

إبداع أم دِعارة



لقد خلق الله البشر مختلفين في أشكالهم والوانهم وشخصياتهم ، وأودع فيهم المواهب ، وجعل هذه المواهب تختلف من شخص لآخر ، رغما" عن أنهم يعيشون على أرض واحدة ، أو لربما كانوا يقطنون منظقة واحدة ، وقد تعود الناس على أن يطلقوا على صاحب الموهبة كلمة مبدع ، مع أن الابداع يختلف عن الموهبة ، فالمبدع هو الذي يبتكر افكارا" جديدة غير مالوفة، أو يطور فكرة موجودة لم يسبقه للبحث بها احد . وإنه من الواجب علينا أن نطور أفكارنا حتى نستطيع تحفيز عقلنا لينتج أفكارا" جديدة ، بطريقة إبداعية .

لقد تطرقنا في المقالتين السابقتين في هذه النافذة من المنتدى ، منتدى بحر العسل عن الابداع ومفهومه ، وعن الحرية . ولقد وجدنا أنه ليس من باب المصادفة أن تنتشر في هذه الأيام ظاهرة جديدة في مضمونها ، خبيثة في مقاصدها ، روّج لها الكثيرون من مثقفون وممثلون وشخصيات اجتماعية معروفة لها وزنها وتأثيرها . وهي ظاهرة تردد صداها في كافة مايمكن أن يكون إعلانا" سريعا" ودعوة لها ، في مجلات دورية ومقابلات تلفزيونية وإذاعية وكذا وسائط الاتصال من شبكات تواصل ومنتديات . وأعني بهذه الدعوى ( المحافظة على حرية الابداع ) التي تكفل المناداة لها جميع من كانوا مبتعدين عن الشرع الحنيف سابقا" ، والذين هالهم وصول التيار الاسلامي لسدة الأمر في مصر . وأنا هنا لا اهلل لهذا الوصول ن لنني وإن كنت إسلامي النزعة ، إلا أن الاسلام عندي ليس إشهار ، إنما عقيدة وعمل وجوهر .

( لا لوقف حرية الابداع ) ، فما هي حرية الابداع ، وهل تكمن في الإباحة لما أمر الله به أن يُستَر ويحجب ، أم مناداة للتبرء مما دعى الله إليه ، والانطلاق إلى عالم سابق من الجاهلية والتصحُّر الفكري والوجداني .فحرية الابداع كما هي واجبة هي الحرية التي تندرج تحت رؤية الشرع ، وما كان لأحد من الناس أن ياتي برأي من عنده إذا كان الله ورسوله قدبينوا حكم الشرع فيه .

( لا لوقف حرية الابداع ) ، وهل تكمن حرية الابداع في نشر الفاحشة والرذيلة ، وإبداء ما أراد الله في كتابه الكريم له أن يكون مكنونا"، لا يحل لأحد أن يتمتع به غير الذي يحل له شرعا" ، وفي ذلك محافظة على الخصوصية الشخصية ، ودرءا" لتأثير المفاتن على العامة .

إني لا أريد أن أثير الموضوع من وجهة نظر شرعية ، بل سأتحدث عنه من وجهة نظر المجتمع المحافظ ونظرته إلى الأسس الأخلاقية كطابع يترك بصمته على الأفعال والأعمال التي يقوم بها الأفراد والجماعات فيه ، متى بَلَغوا الحُلُم . والتي تراقبها السلطة الممثلة للجماعة وتحدد ضوابطها وحدودها ، بل وتصدر الأوامر الرادعة التي تضرب بيد من القسوة لكل من يحاول الخروج عنها ، بما تمتلكه من قوانين ، سُنَّت من أجل ذلك .

إننا إذا أردنا أن ننطلق من مفهوم لا كبيرة مع الاستغفار ، ولا صغيرة مع الاصرار ، فالقول في نقاشنا قول يتحدث عن كبيرة ومع الاصرار . وإذا كان الحجاب قد أنزل من لدن عزيز حكيم بقوله : (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين ). [الأحزاب: 59] ،فكيف لهؤلاء الذين يُعتبرون نجوما" في المجتمع أن يجاهروا بالمعصية ، ألم يقرؤوا قوله تعالى (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون ).

وإذا خرجنا من مفهوم الشريعة لهذا الأمر ، ورجعنا قليلا" إلى أنفسنا وضمائرنا وقد فُطِرنا على الفطرة السليمة التي لا ترضى بالفُحش ، فهل يرضى أحدنا أن تكون الفضيحة والعار مَعلَما" يُمَيِّزه في مجتمعه ؟ إني لا أعتقد شخصيا" ، ولا أعتقد بأن الفطرة السليمة لأخّواتنا وبناتنا وزوجاتنا في مجتمعنا يَرضين غضب الله ورسوله ، وسخط المجتمع عليهن .

إن الفضيلة رأس الأمر ، وإن الرسول صلى الله عليه إنما بُعِث َ ليتمم مكارم الأخلاق ، ولا أظن أن ذو عقل ولُبٍّ يرى عكس ذلك .

أعود للقول ، بأن الابداع أمر مباح لا غبار عليه لكن ليس للإبداع أن يعلوا فوق سقف الشرع .

إن الدعوى التي يسوقها هؤلاء ، دعوة مبنية على الشك والريبة ، دعوى قوامها إشاعة الفاحشة بين بناتنا وأخواتنا ‘ عن طريق إظهار حالات خاصة جدا" لا ينبغي أن تُعرض على العامة من خلال تمثيل الأفلام بحجة ان ذلك من سياق الدراما ، وأن المشاهد الإباحية ، هي شيء ضروري ، لا مُكَمِّل .

وأخيرا نعود للموضوع الذي نبحث في هل ( لا لدعوى وقف الإبداع ) ؟ وهل هذا الذي أراه دِعارة ، يدخل ضمن الابداع

أحمد عاصم آقبيق

09/03/2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق